أكثر من سبعة أشهر على بداية حرب الجنرالين العبثية في السودان، سبعة أشهر وما زال مُطلق الرصاصة الأولى مُغيب عن قصد. حرب كان لها تداعيات مباشرة من قتل وتهجير لملايين من السودانيين والأخطر التداعيات غير المباشرة التي سوف تستمر رواسبها إلى فترة طويلة بعد سكوت البنادق والمدافع والمسيرات.
أكثر من سبعة أشهر، قامت فيها الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية بمتابعة وتوثيق انتهاكات الطرفين الاساسيين والأطراف الثانوية في الصراع. لقد قام مراقبو الشبكة بمراقبة الهدنات التي بطبيعة الحال لم تُحترم، وقد قام أيضاً فريق المراقبة بمتابعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والصحية وأوضاع اللاجئين على كافة الأراضي السودانية بالرغم من كل التحديات الميدانية والسياسية التي واجهت جميع أعضاء الشبكة.
السودان، وهو بلد شاسع ومتنوع يقع في شمال شرق أفريقيا، عانى من الصراعات طوال معظم تاريخه بعد الاستقلال. إن اندلاع الأعمال الحربية الأخيرة، والتي بدأت في أبريل 2023، هو صراع معقد ومتعدد الأوجه له جذور في المظالم السياسية والعرقية والاقتصادية الطويلة الأمد. لقد كان للقتال بالفعل تأثير مدمر على الشعب السوداني، حيث تسبب في نزوح واسع النطاق، وخسائر في الأرواح، وانتهاكات لحقوق الإنسان. لا تزال آفاق السلام غير مؤكدة، ولكن هناك عدد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى حل الصراع.
حصل السودان على استقلاله من الحكم البريطاني المصري المشترك في عام 1956، لكن تاريخه اللاحق اتسم بعدم الاستقرار والصراع. وأسفرت حربان أهليتان بين المناطق الشمالية والجنوبية من البلاد عن مقتل أكثر من مليوني شخص وانفصال جنوب السودان في عام 2011. كما تسبب الصراع في دارفور، الذي بدأ في عام 2003، في وفاة ونزوح على نطاق واسع. لقد حكم السودان أيضًا حكومات عسكرية طوال معظم تاريخه، وكان هناك العديد من الانقلابات ومحاولات الانقلاب.
يمكن إرجاع جذور الصراع الحالي إلى السعي للسيطرة على خيرات السودان، أكان موقعه الأساسي كصلة وصل ما بين البحر الأحمر والوسط الافريقي، أما بالنسبة للموارد الطبيعية التي كانت ولفترة طويلة حكراً على الطبقة السياسية الفاسدة التي حكمت السودان الحديث. أما تأجيج الصراع فله عوامل كثيرة منها، التهميش الاقتصادي والسياسي والاجتماعي الذي تعاني منه المناطق الواقعة على أطراف السودان، وخاصة الأقاليم الحدودية لجهة الغرب والجنوب، بالإضافة إلى التهميش الفئوي القائم على الخلفيات الاثنية والقبلية والتهميش السياسي القائم على المحافظة على نادي السياسيين التقليديين والأحزاب السياسية التي اثبتت مراراً وتكراراً عدم قدرتها من قيادة السودان إلى طريق التحول الديمقراطي الجَدي.
كل هذه الصراعات التي شكلت وما زالت تشكل تهديد جدي لمستقبل الشعب السوداني تم الاستفادة منها من قبل بعض اللاعبين الدوليين والاقليميين بما يتناسب مع أجندتهم وخططهم وقد وجودوا في بعض ضعاف النفوس من الأطراف السياسية والعسكرية في السودان البيئة الحاضنة لتفضيل المصالح الشخصية على مصلحة السودان والشعب السوداني.
إن للحرب في السودان تأثير مدمر على السكان المدنيين في البلاد. فقد نزح أكثر من 5.2 مليون شخص داخليا حتى هذه اللحظة وفر أكثر من 1.3 مليون إلى البلدان المجاورة كلاجئين. كما تسبب الصراع في خسائر واسعة النطاق في الأرواح، حيث تراوحت التقديرات بين 9000 إلى 10000 شخص. وكانت النساء والأطفال معرضين بشكل خاص لآثار الحرب، بالإضافة إلى انتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، بما في ذلك الاغتصاب والتعذيب والقتل خارج نطاق القضاء.
كان للحرب في السودان تأثير كبير على المنطقة المحيطة بها، مما أدى إلى زعزعة استقرار البلدان المجاورة مثل جنوب السودان وتشاد وأوغندا. وقد اجتذب الصراع أيضًا اهتمام المجتمع الدولي، حيث لعب الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة والولايات المتحدة دورًا في جهود الوساطة. ومع ذلك، تعرض المجتمع الدولي لانتقادات بسبب افتقاره إلى إجراءات فعالة لمنع الصراع وتخفيف معاناة الشعب السوداني.
لا تزال آفاق السلام في السودان غير مؤكدة. هناك عدد من التحديات أمام تحقيق السلام الدائم، بما في ذلك الانقسامات العميقة بين الأطراف المعنية، وانعدام الثقة بينها، واستمرار وجود الجماعات المسلحة في البلاد وتخلي بعض الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا عن الحياد واعلانها الدخول في الحرب مع الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع. ومع ذلك، هناك أيضًا بعض العلامات الإيجابية، مثل رغبة الجانبين في الدخول في حوار والضغط الدولي المتزايد من أجل حل الصراع. زد على ذلك تشرذم الأطراف السياسية المدنية وعدم القدرة على إقناع الشعب السوداني أولاً والمجتمع الدولي ثانياً بقدرتهم على قيادة السودان إلى بر الأمان.
إن الحرب في السودان صراع معقد ومتعدد الأوجه وله تاريخ طويل ومأساوي. وكان للقتال تأثير مدمر على السكان المدنيين في البلاد، ولا تزال آفاق السلام غير مؤكدة. ومع ذلك، هناك عدد من العوامل التي يمكن أن تؤدي إلى حل الصراع، وللمجتمع الدولي دور حاسم يلعبه في دعم الجهود الرامية إلى إحلال السلام في السودان.
فيما يلي تقرير حاولنا في الشبكة الشبابية للمراقبة المدنية تحليل ووضع كل عمليات المراقبة التي قمنا بها حتى اليوم بتصرف الرأي العام المحلي والدولي عسى أن تكون خطوة إيجابية للسير في السودان نحو السلام والديمقراطية.
أقرأ التقرير كاملاً من المستند المرفق أدناه:
Comentarios